باب بدء الوحي من صحيح البخاري
شرح حديث بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء
قال المصنف رحمه الله: قال ابن شهاب اسم> وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن اسم> أن جابر بن عبد الله الأنصاري اسم> قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: رسم> بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني بحراء اسم> جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني زملوني. فأنزل الله عز وجل: رسم> يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ قرآن> رسم> إلى قوله: رسم> وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قرآن> رسم> فحمي الوحي وتواتر متن_ح> رسم> .
تابعه عبد الله بن يوسف اسم> وأبو صالح اسم> وتابعه هلال بن رداد اسم> عن الزهري اسم> وقال يونس اسم> ومعمر اسم> بوادره.
. يقول نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدثهم عن فترة الوحي ، ذكر أنه توقف الوحي مدة سنة أو سنتين أو نحوها، فأهَمَّهُ صلى الله عليه وسلم وحزن لهذا التوقف، فكان يذهب هائمًا، ومن شدة شوقه إلى نزول الوحي يكاد أن يتردى من رأس الجبل، حتى إذا هم بذلك بدا له الملك وقال: يا محمد اسم> أنت رسول الله وأنا جبريل اسم> فيهدأ.
يقول مرة فرفعت رأسي فإذا هو ذلك الملك الذي هو جبريل اسم> عليه السلام جالس على كرسي بين السماء والأرض، جالس في الهواء على كرسي، فلما رآه رعب منه؛ يعني ارتجف فؤاده وفزع فزعًا شديدًا، ورجع إلى خديجة اسم> للمرة الثانية وقال: زملوني. من شدة الرعب والفزع والخوف، فزملوه؛ يعني غطوه بغطاء غليظ، فعند ذلك جاءه الملك وأنزل عليه أول سورة المدثر، وقيل: أول سورة المزمل، والصحيح أنه أنزل عليه أول سورة المدثر: رسم> يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ قرآن> رسم> هذه أول ما نزل عليه بعد فترة الوحي وبعد سورة اقرأ.
لما أنزلت عليه امتثل ما أمر به، رسم> قُمْ فَأَنْذِرْ قرآن> رسم> أي: انتبه من مكانك وقم وأنذر الناس، أنذرهم يعني حذرهم عن الشرك وخوفهم عن الكفر، فإن الله تعالى بعثك بشيرًا نذيرا.
رسم> قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ قرآن> رسم> أي: عظم ربك وكبره، كبره بعبادته، وكبره بتوحيده، واعتقد أنه الكبير الذي لا أكبر منه، الكبير المتعال، وعظمه بصرف جميع عبادتك له وحده.
رسم> وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قرآن> رسم> قيل إن المراد الكسوة؛ أي طهرها عن النجاسات، وقيل إن المراد الأعمال؛ طهر أعمالك عن الشرك، الأعمال التي تعملها وتتقرب بها إلى الله إذا كانت خالصة فإنها طاهرة، فإن الشرك والبدع ونحوها تنجسها وتفسدها وتقذرها، فطهر أعمالك عن الشرك.
رسم> وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قرآن> رسم> قرأها بعضهم: ( والرِّجز فاهجر ) الرجز والرجس هي الأصنام، وهجرها تركها وأهلها، والبراءة منها ومن أهلها، سماها الله تعالى رجزًا في قوله تعالى: رسم> وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ قرآن> رسم> يعني دعوته إلى الشرك، وسماها رجسًا في قوله تعالى: رسم> فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ قرآن> رسم> فأمره في هذه الآية بأن يهجرها؛ يبغضها ويمقتها ويمقت أهلها. رسم> وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قرآن> رسم> أي: لا تمل من الاستكثار من العبادة؛ بل عليك أن تكثر من العبادة والطاعة التي أمرت بها وأرسلت إليها، تستكثر منها مهما استطعت.
رسم> وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ قرآن> رسم> أي: اصبر على ما يصيبك من الأذى؛ كأنه أشار إلى أنك سوف تُكذَّب، وسوف تؤذَى، وسوف ينالك كلام سيئ وسخرية وتكذيب، فعليك أن تتحمل كما قال في آية أخرى: رسم> فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ قرآن> رسم> امتثل ذلك كله وصبر حتى نصره الله تعالى وأظهره.
بعد نزول هذه الآيات حمي الوحي وتواتر وتتابع واستمر، وعرف أنه مرسل من الله تعالى، وأن ما ينزل عليه فإنه الوحي من الله تعالى.
كُمِّلت السورتان سورة العلق كملها الله تعالى بقوله: رسم> كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى قرآن> رسم> إلى آخره، وكان لما أنه جهر بالدعوة عاداه وأظهر العداوة له رءوس المشركين، وكان من أشهرهم أبو جهل بن هشام اسم> الذي اشتهر بالأذى، فقيل: إن هذه الآية إشارة إليه، رسم> إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى قرآن> رسم> وأنه كان يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يصلي في الحرم، فأنزل الله فيه: رسم> كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ قرآن> رسم> أي لا تطعه في نهيك، واسجد يعني صل، واقترب افعل الصلاة التي هي قربة، والسجود الذي هو طاعة.
وكذلك في سورة المدثر فيها إشارة إلى الوليد بن المغيرة اسم> الذي وصف في هذه الآية في قوله: رسم> ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا قرآن> رسم> وهو الوليد اسم> خلقه الله وأخرجه وحيدًا، رسم> وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا قرآن> رسم> وأمده الله تعالى بقوله: رسم> وَبَنِينَ شُهُودًا قرآن> رسم> يعني وهب له أولادًا غالبًا يكونون شهودًا عنده، رسم> ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ قرآن> رسم> هذه في قصة الوليد اسم> إلى قوله: رسم> إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ قرآن> رسم> إلى قوله: رسم> سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قرآن> رسم> فنزلت هذه الآيات من جملة ما تتابع به الوحي.
مسألة>